عرض مشاركة واحدة
قديم 23-12-2016, 07:35 AM   #83
مداد اليراع



الصورة الرمزية مداد اليراع
مداد اليراع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23
 تاريخ التسجيل :  Apr 2011
 أخر زيارة : 28-04-2024 (05:48 AM)
 المشاركات : 30,409 [ + ]
 التقييم :  1468201270
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: رسائل الجُمعة [ في الله نلتقي وللجنان نرتقي ]



فضل يوم الجمعة


الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه، وعلى كل من دعا بدعوته واقتفى أثره وتمسك بسنته إلى يوم الدين.




أما بعد:




يقول الله جل جلاله وتقدست أسماؤه: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))[الجمعة:9-10].




عباد الله: إن الله جل ثناؤه شرع لنا شرائع مثلى، وهدانا لطرق سوى، شرع لنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم اجتماعاً لأداء صلاة الجمعة في يوم الجمعة، شرعه لنا مشروعية إلزام وإيجاب على كل مكلف، ما عدا المرأة والمريض والمسافر والرقيق وسكان البادية، ومن لديه عذر يبيح له التأخر كحارس مال يخاف ضياعه، أو حارس ثغر يخاف على المسلمين منه ونحو ذلكم.




وما أعظمه وأجله من تشريع، ما أجمله وأحسنه من اجتماع في بيت من بيوت الله، وعلى بساط طاعة الله، من اجتماع تتجلى فيه العبودية لله وحده، العبودية التي أرسل بها رسله وأنزل بها كتبه، (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ))[الأنبياء:25]، بل ويتجدد به تعارف المسلمين وولاؤهم وترابطهم، يتجدد بلقائهم في بيت من بيوت الله لأداء طاعة من طاعة الله، يتجدد به ذلكم، يتجدد به تجدداً يذكرهم بوحدتهم في العقيدة، وبوحدتهم في القيادة والإمامة، ويظهر شعائرها واضحة وجلية، بل ويذكرهم بالله، وبأيام الله، وبآيات الله، فله الحمد على أن هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.




يقول عليه الصلاة والسلام في بيان فضل الجمعة وأداء العبادات فيها: [ يوم دعيت إليه الأمم قبلنا، فضلت عنه وهدانا الله له ]، ويقول: [ ما طلعت الشمس على يوم أفضل من يوم الجمعة، ففيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة ]، ويقول عليه الصلاة والسلام فيه: [ فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه ].




وقد جاء في السنة ما يبين أن ساعة الإجابة ما بين أن يحضر الإمام إلى أن تقضى الصلاة، وهي الساعة التي يحضر الملائكة فيها لسماع الذكر، وقيل: أنها ما بين صلاة العصر وغروب الشمس.




عباد الله: إن فضل يوم الجمعة لعظيم، وإن أداء صلاة الجمعة لذو فضل كبير واسع على المسلم بفضل الله، فبه تكفر السيئات وتمحى الخطايا، يقول عليه الصلاة والسلام: [ الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، كفارات لما بينهما ما لم تخشى الكبائر ] وفي لفظ: [ ما اجتنبت الكبائر ].




وإن الله سبحانه وتعالى قد شرع فيها ولها سنناً وآداباً، سنناً وآداباً تزكي النفوس وتصقلها وتهذبها وتطهرها وتهيئها للتطهر الشامل الكامل، شرع فيها ما يزكي النفوس من نظافة الجسم والثوب عند أدائها مما يذكر المؤمن وهو ينظف ملابسه وجسمه ويتهيأ لأحسن حال ظاهراً للحضور إلى الجمعة بأن يسعى بالتطهر المعنوي المطلوب أساساً، بتطهير القلب من الشكوك والأضغان والأحقاد، بتطهير الحواس الجوارح من يد ورجل ولسان وسمع وبصر من أعمال السوء، فما شرع فيها من الآداب ومن السنن يذكر المؤمن بما يشرع له فيما بينه وبين الله في باطن الأمر من تطهير القلب وتطهير العمل وتطهير الجوارح.




يقول عليه الصلاة والسلام: [ لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين إلا بإذنهما، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ].




ويقول عليه الصلاة والسلام: [ غسل الجمعة واجب على كل محتلم –أي بالغ- والسواك وأن يمس من طيب بيته ].




عباد الله: إن الله جل جلاله الذي شرع لنا يوم الجمعة وأكرمنا به، وشرع لنا فيه آداباً وسنناً، تزكو بها وتطهر بها وتنصقل بها نفوسنا حسياً ومعنوياً، تطهيراً للظواهر وتطهيراً للبواطن.




إن الله الذي شرع لنا هذا قد نهانا عن التكاسل والتساهل فيما يشرع للجمعة من صلاة وآداب وحضور وإنصات وغير ذلكم، نهانا عن التكاسل والتهاون فيما يشرع فيها.




روى ابن عمر وغيره قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: [ لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين ]، ويقول عليه الصلاة والسلام: [ من ترك ثلاث جمع طبع الله على قلبه ]، ويقول عليه الصلاة والسلام: [ من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب، فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة ]، ويقول: [ من مس الحصى فقد لغى، ومن لغى فلا جمعة له ] والنفي هنا لنفي الكمال، أما إجزاء الصلاة في من تكلم فمجزئة ولا إعادة عليه بالإجماع، النفي للكمال وقد يتطرق لما يترتب على الكمال من أجر على الإتيان بالكمال.




فيا عباد الله: اتقوا الله أيها الإخوة المسلمون هذا وعد الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين الملتزمين المحافظين المسارعين، ووعيده وترهيبه للمتكاسلين الغافلين المتهاونين بحق الجمع والجماعات.




ومن هنا وغيره يعلم أيها الإخوة أن يوم الجمعة ليس منطلقاً في شهوات النفس وملذاتها ولكنه منطلق للروحانيات والطاعات، ليس لنزه الدنيا ولكنه لنزه الآخرة، ليس زمناً وظرفاً للوفود فيه على الشيطان، ولكنه زمن وظرف للوفود فيه على الرحمن، وشتان شتان بين ما ينصرف به وافد الرحمن في هذا اليوم من إجابة دعاء، ورفع عمل، ومغفرة، وبين ما يتبوؤه وافد الشيطان من خزي وعار وصغار عياذاً بالله.




فاتقوا الله أيها المسلمون واحمدوا الله واشكروه؛ أن هداكم لهذا الفضل العظيم، واستجيبوا لله ولرسوله في المحافظة على هذه المشروعية، وعلى ما يلزم لها وفيها من آداب، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))[الجمعة:9-10].




بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.




أقول قولي هذا، وأسأل الله أن يبارك لنا في كتابه الكريم، وأن يشرح به صدورنا، وأن يجري بمقتضاه أعمالنا، وأن يجعله أنيسنا في القبر، وشفيعنا في الحشر؛ إنه تعالى حسبنا ونعم الوكيل، نستغفره تعالى ونتوب إليه.








الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحبه ربنا ويرضاه، نحمده تعالى ونشكره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه صلاة وسلاماً وبركة دائمة إلى يوم الدين.




أما بعد:




فيا عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن أقدامكم على النار لا تقوى، وأن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم.




إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.




عباد الله: يقول عليه الصلاة والسلام مؤكداً مشروعية الجمعة، ومرغباً في فضل التبكير والتهجير إليها، يقول عليه الصلاة والسلام: [ من جاء يوم الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن جاء في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن جاء في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن جاء في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا جاءت الساعة السادسة حضرت الملائكة يستمعون الذكر ] أو كما قال.




هذا لبيان تفاوت مراتب ومكاسب المبكرين والمهجرين إليها في هذا المجال، وإن موقفاً تحضره ملائكة الله وتسعى إليه لتحضر فيه ذكر الله، لموقف يستدعي المسارعة والإتيان إليه برغب وطيب نفس وخشوع وتهيئة النفس بنظافة الجسم والثياب وتهيئتها بنظافة القلب والجوارح، بتهيئها لسماع ما حضر الملائكة لسماعه من آيات تتلى أو مواعظ أو ذكر أو غير ذلكم لعل كلمة تصل القلب فينفع الله بها أو رحمة تنزل فتعم، أو دعوة تنزل فتعم الجميع.




فالنية النية، والتهيؤ التهيؤ، والإقبال الإقبال على الله والاحتساب الاحتساب، في أي عمل تريدون به وجه الله.




الله الله أيها الإخوة المؤمنون في عباداتكم، في صلواتكم، في أدائكم لهذه الفريضة، في أداءها لتكون شافعة، لتكون مكفرة، لتكون مقبولة عند الله، ليخرج منها من قبل بطهر ونقاء وصفاء لو وافته المنية بعدها لطارت روحه إلى الله نقية صافية تتلقاها ملائكة الرحمة، مرحبة بها ومبشرة لها وآخذة لها إلى الروح والريحان.




اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن أصحابه أجمعين.




اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، اللهم لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، اللهم لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.




اللهم إنا نسألك أن تجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه، والباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه.




اللهم أصلح شباب المسلمين، وألف بين قلوبهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا.




اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نعوذ بك من فتنة المحيا ومن فتنة الممات، ومن فتنة المسيح الدجال.




ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.




(( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))[البقرة:201].




(( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ))[النحل:90]


(خطبة منقولة )



 
 توقيع : مداد اليراع


رد مع اقتباس