المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طـبيب الأجـرة


دعاء 27
19-11-2016, 06:52 AM
http://forum.sedty.com/imagehosting/96062_1279980513.gif









طبيب الأجرة ..



كنت في رحلة لأداء العمرة ؛ و بعد أن حطَّت الطائرة في مطار الملك عبدالعزيز بِجدة ؛
نزلت إلى أرض المطار وتوجهت مسرعاً إلى موقف سيارات الأجرة للبحث عمَّن يُوصلني إلى مكة
وكعادتي دوماً أحب الركوب مع سائقي الأجرة السعوديين لكونهم أبناء البلد
و هُم بالتاكيد أدرى بالطرق السريعة المؤدية إلى مكة ؛
وكما يقال بالمثل ( أهل مكة أدرى بشعابها ) .
أثناء وقوفي في الموقف تقدم إلى شاب يافع تعلو على محياه البسمة، حسن الهندام ،،
وبكل أدب بادرني السلام ثم قال عمي هل ترغب بسيارة توصلك إلى مكة؟ فقلت توكلنا على الله ،،
جاء وبكل أدب وحمل حقائبي ليضعها في سيارته ثم توجهنا قاصدين بيت الله الحرام .
بدأت أتجاذب معه أطراف الحديث وكما هو المعتاد في أسئلتنا التقليدية عن الاسم والعمل والسكن.
قال : إسمي فهد وأسكن في مدينة جدة وكما أسلفت كان شاباً يبدو عليه الأدب والخلق الجم ،
هادئ الطبع لا يجيب إلا عندما يُسأل ! ،
عندما سألته عن عمله قال لي : أنا طالب نهائي في كلية الطب .
تفاجأت ، فعاد ببسمته الهادئة ليؤكد مرة ثانية قائلاً نعم طالب كلية الطب فقلت
يعني أنت قريباً ستصبح إن شاء الله طبيباً فرد قائلا قصتي مع الطب طويلة وذات شجون قد
نصل مكة ولم أنتهِ من سردها .
فقلت له ممازحاً : خلينا نقطع الوقت أيضايقك إن سألتك عنها
ثم بدأ يروي قصته :
كنت مبعتثاً لدراسة الطب في إحدى جامعات تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية
وأمضيت ست سنوات هناك تقريباً ولم يتبق سوى التطبيق ثم سنة الإمتياز وفي تلك السنة
حدثت حادثة مفجعة لأغلب أفراد أسرتي .
والحمد لله على كل حال ثم استرسل قائلاً : أظنه لا يخفى عليك حادثة الباخرة المصرية
التي غرقت في مياه البحر الأحمر (عبَّارة السلام) ؛ كان أهلي جميعا على متن تلك الباخرة حيث كانوا
متوجهين في رحلة علاجية لوالدتي في مصر والحمد لله على قضائه وقدره

أُستشهد أهلي جميعاً حيث إنتقل إلى رحمة الله والدي ووالدتي وثلاثة من إخوتي واثنتان
من أخواتي ولم ينجُ سوى أخي عادل الذي كان عمره حينها السنة والنصف وأختي هند
التي تكبره قليلاً ذات السنوات الأربع .
كنت حينها في الخارج في آخر سنة دراسية لي ولكن إرادة المولى القدير فاجأني المصاب
وتلقيت الخبر من أقاربي فحزمت حقائبي وتركت كل شيء وعدت لترتيب أمور إخوتي
فلقد أصبحت في غمضة عين مسئولاً عن طفلين يتيمين
بدأت أعد العدة لتولي رعاية إخوتي وكنت مُصر على ألا يتولى رعايتهما غيري حيث
سئمت من بقائهما بين أقاربي .
واجهت صعوبة بالغة لرعاية هذين الطفلين لاسيما أنهما لا يزالان في سن الطفولة و كوني
لم أتزوج بعد زاد من تلك المعاناة ، فقررت الزواج لأتمكن من رعايتهما.. بدأت أبحث
وخصوصاً أن الإختيار لم يكن سهلاً ومن ذا تقبل بأن تكون أماً لطفلين ومن أول يوم بعد زواجها ،،
وتذكرت حينها كلمات والدي رحمة الله عليه فقد كان يمازحني دوماً وفي أثناء إجازاتي قائلاً :
زوجتك جاهزة تنتظر الطبيب يعود ويقصد إبنة صديق له كان يحبه .

فكرت واستخرت واستشرت أقاربي فأقدمت متوكلاً على الله لاسيما أني اعتبرت أن هذا الزواج
تحقيقاً لِرغبة والدي ؛ فـ لعله يكون براً بوالدي بعد موته وصلة بمن يحب ذات ليلة
زرت صديق والدي في بيته كي أستشيره وقبل ان أتقدم رسمياً فأجابني مباشرة قائلاً يا بني لن تجد ابنتي شاباً خيراً
منك ليكن لقاؤنا غداً واحضر مع أقاربك حتى تتقدموا رسمياً لِخطبة ابنتي .
في الموعد المحدد حضرت أنا وبعض أعمامي إلى منزل صديق والدي و رحَّب بِنا في بيته أجمل ترحيب
وقد لفت نظري وجود رجل في مجلسه يظهر على سماته الصلاح لا نعرفه و لم يعرفنا به .
بعدما تحدثنا قليلاً وأخبرناه بِرغبتنا قال إذاً توكلنا على الله والتفت إلى يمينه قائلاً لذلك
الرجل تفضل يا شيخ اكتب عقد النكاح ، أي أنه أعد العدة لعقد الزواج في حينه وأحضر المأذون .
تفاجأت حيث لم أكن مُستعداً نفسياً و مادياً فبادرني والد البنت قائلاً خير البر عاجلة و بدأ المأذون بكتابة عقد النكاح ؛
فسألني عن الصداق ، فتلعثمت قليلاً حيث لم أرتب نفسي ففاجأني والد البنت مرة أخرى ( و لن أنساها ما حييت ) ! ؛
فقال أخرج محفظتك ، كم فيها من المال ؟ ،
فأخرجتها و وجدت فيها أربعمائة ريال فقال والد البنت ذاك صداق ابنتي هذا هو مهرها فكتب ذلك في العقد .
قبل أن ينتهي المأذون من كتابة العقد إلتفت إلى وقال : ألديك شروط يا ولدي ؟ ،
قلت : أبعدَ كل هذا الإحسان والكرم من والد زوجتي أتراه يكون لدي شروط !!
ليس لدي أي شرط ففاجأني للمرة الثالثة والد البنت قائلاً بل لديك شرط ويجب أن يكتب
ذاك هو أن تقوم ابنتي بتربية أخويك الصغيرين ..
تزوجت وأنا سعيد وتقدمت للجامعة لإتمام سنة الامتياز في أحد المستشفيات هنا، والآن
أحاول ان أحسن وضعي المادي بان اعمل كسائق سيارة أجرة في أوقات الفراغ.
كنت دوما موقناً أن مع العسر يسراً وأن الفرج مع الصبر ..

إنتهى حديثه وكنا حينها على مشارف البيت الحرام ودعته آملاً أن يكتب الله لنا لقاء آخر.

وقبل ان أودعك قارئي أود التأكيد بأن القصة واقعية
و ليست من نسج خيالي ..!


http://forum.sedty.com/imagehosting/96062_1276439647.gif
ولـ
علِّي هنا أُرسِل ثلاث رسائل سريعة :

أولاها : أن كل مؤمن ومؤمنة عرضة لكثير من الابتلاء فمرة يبتلى الإنسان بنفسه ،
و مرة يبتلى بِماله ، و مرة يبتلى بِحبيبه ،
وهكذا تقلب الأقدار من لدن حكيم عليم ! ؛ ولكن من آمن
أن كل شيء بقضاء الله وقدره ،
وان أكثر الناس بلاءاً هم الأنبياء ؛ هان عليه المصاب .

ثانيها : أن الصبر مفتاح لكل خير وان مع العسر يسراً وكما قيل ما غلب عسر يسرين .

ثالثة الرسائل : دعوة صادقة لتيسير الزواج فذاك مدعاة للبركة و أحرى و أرجى أن
يوفق الله ويبارك في ذلك الزواج والد البنت في قصتنا الآنفة عرف معنى السعادة لإبنته واشتراها لها .. لم لا ؟ ؛
فقد اختار لها زوجاً ويسر زواجهما ،
وأحسب أن ذلك الزوج لن ينسى صنيع والد زوجته طيلة حياته ،
و أظنه سيسعى بكل ما أوتي لإسعاد زوجته ..!

فلتهنأ تلك الأسرة ولـ يهنأ ذلك البيت ..


مُنتقى ..







http://up99.com/upfiles/png_files/wDi15144.png

براءة مشاعر
29-03-2017, 01:55 PM
تسلم الايـآدي يالغلآ ... يعطيكِ العـآفيه ...