المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغرفه 173012


الزيزفون
20-09-2011, 01:11 AM
(( الغرفه 173012))

في ليلة شتاء ممطره .. كنت أسير بالطرقات ..أبحث عن ملجأ احتمي به من برد الشمال القارس .
بدت كل الشوارع خالية من الماره .. ورغم هذا كنت أشعر بأزدحام الناس من حولي .. وأسمع قرع نعالهم ..
إلا أني لا أشاهد أحدا .. ربما هي خدعة أخرى من خدع الحواس التي لا أثق بها ..
كنت اتساءل لما أنا بالذات أشغل هذا الحيز من الكون بهذا الوقت .. هل هناك علاقه بين الزمان والمكان وأنا,
يبدو لي أن هناك علاقة قويه ويكفي أن أعرف أنه من المستحيل أن أعود هنا مره أخرى لتتأكد العلاقه ..
اشعر بأني تائه الفكر أمام تلك الأسئله التي تدور في رأسي .. من أنا ؟من أين جاء الكون ؟
ربما أكون مجرد شخصية في خيال كاتب يفعل بي ما يحلو له إلا أنني أشعر أن إرادتي أقوى من أن تقيدها روايه !ولكني لا استبعد ذلك ,
أشعر أنني لستً سوى فكرة لم تأتي لعالم الوعي بعد .. أحيان أشعر أني كائن بشري ولكن هذه الفكره تزعجني ,
اذاً مجرد الشعور بالحياه معناه أن الموت احتمال ضروري وحتمي ..ومجرد وجود العقل معناه العذاب ,
اه كم اشبه قطرات المطر المنهمره ربما لأنها لاتجيد إلا السقوط ..وأنا أسقط بإحتراف في الفضاء المحيط بي ..
نولد لنسير لفترة زمنية معينة ثم نختفي .. وكذلك قطرات المطر تولد وتسير لفترة معينة ثم تختفي في الأرض ..
هل أنا قطره ماء !!
مازال المطر ينهمر بقوه ومازلت أسير وحيدا إلا أنني أستطعت أن أعود لحالتي قبل العاصفه , الكائن الغير مفكر او الكائن الذي اعتاد على الكون .
واصلت السير حتى وصلت لناصية الشارع وإذ بي أشاهد فندق , توجهت له مباشره .. سألت موظف الاستقبال أن يجد لي غرفة .. قال مبتسماً
بالطبع هذا مفتاح الغرفه 173012 ولحسن حظك أنك أول من يسكنها لأنها بنيت جديده في التوسعة الأخيرة للفندق وتم الأنتهاء من تجهيزها قبل قليل ..
بادلته الأبتسامه وصعدت على الفور للطابق العلوي الذي لم أجد به سوى غرفة واحده حديثة البناء .
دخلت وخلعت عقالي ولست أعلم كم من عقال وجب أن ألبس , رميت بشماغي الذي انهكته العروبه جانبا وارتميت علي السرير فأنا مرهق جدا .
اغمضت عيني , و فجأه قفزت مذعوراً , هل قال الغرفه قال الغرفه 173012 أمسكت بالمفتاح وكانت الفاجعه, كتب على حاملةالمفتاح (الغرفه 173012 اقامه سعيده )
هي إذاً الغرفة التي حُذرت من المجئ اليها ولكن كيف حدث أن دخلتها !!هل هناك رابط بين هطول المطر ودخولي الغرفة !!!مؤكد أن لاشي يحدث عبثا.
وقفت حائراً اتأمل كيف أتيت الي هنا, هل علي أن أسلم بحتمية العالم وأنا أرى أن الأسباب تقودني لمكان كنت اتحاشى دخوله ..أخذت أقلب نظري بالغرفة
لقد هالتني دقته بالوصف كل شئ كما قال لي وكأن أحد لم يدخل هذه الغرفة من بعده , ولكن ألم يقل لي موظف الاستقبال أنني أول من يسكن هذه الغرفه !!
تلك هي نافذة الحياة التي اخبرني عنها ذهبت لأقف علي النافذه وإذا بحديقة غناء بها فتاة كأنها القمر تضيف جمالا الي جمال الحديقة , تركض من زهرة إلي أخرى , ما أجمله من منظر .
إذاً سأسترخي قليلا علي السرير وأعود لأملي ناظري بهذا الجمال ,
استلقيت علي السرير وكنت أفكر هل وصلت هنا بأختياري أم لا , فأنا كنت اتحاشى دخول هذه الغرفة وبرغم ذلك بحثت عنها !!هذا لايهم فأنا على كل حال لم اختر نفسي ... منذ الأساس .. لا شي مهم ,
لذا يستوجب علي فقط أن اتماشى مع ماهو كائن سأذهب لأقف على ا لنافذه من جديد ..
ما أن اطليت برأسي من النافذه الا وكأن صاعقة نزلت علي , لم ارى سوى بضعة قبور تركض بينها عجوز متوشحة بالسواد, تقف عند كل قبر قليلا ثم تواصل الركض
إلى أن توقفت تنظر إلي .. سألتها من أنت ؟ أين الفتاة ؟ كيف تحولت الحديقة لمقبره ؟ .
أتاني صوت العجوز :
_ أنا الفتاة وهذه حديقتي ولكن الزمن تغير ياولدي فلقد كبرت ..
_ لالا مستحيل أن تكوني أنتي الفتاة ,
مستحيل ان تتحول تلك الحديقه الجميله لمقبره .
_ أنت تقف على نافذة الحياة ولا شئ مستحيل ,
ياولدي الحياة ليست لعبه في يد طفل قدمتها له امه ليلعب بها كيفما شاء
الحياه هي لحظة تشعر أنك أسعد الناس , يأتوك أًناس يطرقون بابك في وجوههم حديث وعلى ألسنتهم موت , يذهبون من عندك وأنت اشبه ما تكون بالجثة الهامدة ,
الحياة هي طفلٌ يسأل أين ابي ؟ لا أحد يجيب , يلح في سؤاله يجيبه صمت مخيف ,
الحياة هي ان تنتظره يأتي ويأتيك من يعلمك انه لن يجئ ابدا فلا تنتظره ,
ياولدي نحن مقلدون بارعون
نشاهدهم أطفال فنصبح مثلهم نشاهدهم كبار فنكبر مثلهم نشاهدهم يودعون فنودع مثلهم نشاهدهم يموتون فنموت مثلهم .
أنظر هناك يا ولدي حيث الدار , تري هناك مسرح ثابت يتناوبون عليه الممثلون , ينهون مسرحياتهم ويذهبون ويأتي غيرهم , ولا تبقي سوي حكايات ولحظات مضغها الزمن .
ما هذه القسوة قلتها وأنا أشاهد أطفال يلعبون , يحملون نعش ويسير خلفهم اخرون ..
تأملت الحياة وأنا أقف علي نافذتها لماذا نعيش ؟ هل لنموت !!ام لنودع ... ام لنتألم ..!!
تأملت هذا الكائن البشري ,الغريب فيه أنه الكائن الوحيد الذي يضحك والوحيد الذي يعي معني الفقد .. أنه كائن التناقضات .
هنا توقف سالم عن الكتابه ورمى بقلمه جانبا واستلقى على سريره مستسلما للنوم ...

juman96
20-09-2011, 01:44 AM
قرأت هذه السطور وتأملت الفكرة
كانت تصوير جميل لرحلة الحياة

بداية مميزة أخي الفاضل
وحياك الرحمن مرة أخرى
ويسعدني أكون أول من يرد على هذه التحفة الفنية التي صورتها لنآ
من خلآل نافذة غرفة [ 173012 ]
وبين عقال وشماغ عربي مسافر

عسسسآك على القوة
يعطيك ربي كل العافية

صافي الود
20-09-2011, 10:37 AM
هنـــا لــوحــه إرتسمت بأروع الحروف
ولُونت بألوان الإبـــداع المتــألق
أهــــلاً بــقدوم راســم الكـلمات
بريشة مــشاعرهــ الصادقه
يقطــر تصويرا" جدا" جميلة
أبــدعت اخي الزبزفون
في طرحك المميز

قــلمك ننتظرهـ دائماً
تقبلـ حضوريــ؛
ودي واحترامي

الزيزفون
20-09-2011, 01:38 PM
قرأت هذه السطور وتأملت الفكرة
كانت تصوير جميل لرحلة الحياة

بداية مميزة أخي الفاضل
وحياك الرحمن مرة أخرى
ويسعدني أكون أول من يرد على هذه التحفة الفنية التي صورتها لنآ
من خلآل نافذة غرفة [ 173012 ]
وبين عقال وشماغ عربي مسافر

عسسسآك على القوة
يعطيك ربي كل العافية

الجمان
حدائق غناء وجداول من ماء ... وجدتها بعد حضورك ..
فحضورك يلغي كل قواعد الحياه ولا يبقى الا " الخير "
فشكرا للك لا امل تكرارها

الزيزفون
20-09-2011, 01:39 PM
هنـــا لــوحــه إرتسمت بأروع الحروف
ولُونت بألوان الإبـــداع المتــألق
أهــــلاً بــقدوم راســم الكـلمات
بريشة مــشاعرهــ الصادقه
يقطــر تصويرا" جدا" جميلة
أبــدعت اخي الزبزفون
في طرحك المميز

قــلمك ننتظرهـ دائماً
تقبلـ حضوريــ؛
ودي واحترامي

صافي الود
كلماتك وسام فخر ... وحضورك سعادة ...
مهما تحدثت ومهما قلت لن اوفيك حقك ..

نجم الرياض
20-09-2011, 10:41 PM
طرح جميل وأسلوب راقي ..

من يقرأها يعلم ما هي الحياة ؟ يدرك بأنها لحظات تسير به إلى المجهول .. يدرك بأن عليه التزود بالقوت وهو عبادة الله وحده .. حتى يستعد للمجهول ..

طريقة يحدده بنفسه .. إما أن يستلم كتابه بيمنه .. أو بشماله !

تمنياتي لك بحياة آمنة وسعيدة ..

وَ
20-09-2011, 10:51 PM
الإنسان مُسير لامُخير وأعجبني تصويرك لها
رغم أن معظم الروايات والقصص تُعيشك بجانب
الخيال إلا أن قصتك كتبت واقع سنعيشه يوماً ما .



حرف يكتب بصدق
ممُتنة لـك :047:

الزيزفون
20-09-2011, 11:38 PM
طرح جميل وأسلوب راقي ..

من يقرأها يعلم ما هي الحياة ؟ يدرك بأنها لحظات تسير به إلى المجهول .. يدرك بأن عليه التزود بالقوت وهو عبادة الله وحده .. حتى يستعد للمجهول ..

طريقة يحدده بنفسه .. إما أن يستلم كتابه بيمنه .. أو بشماله !

تمنياتي لك بحياة آمنة وسعيدة ..

الفاضل نجم الرياض
حضورك كالمطر .. وهل هناك بالكون اجمل من المطر
شكرا لك على هذا الهطول

الزيزفون
20-09-2011, 11:40 PM
الإنسان مُسير لامُخير وأعجبني تصويرك لها
رغم أن معظم الروايات والقصص تُعيشك بجانب
الخيال إلا أن قصتك كتبت واقع سنعيشه يوماً ما .



حرف يكتب بصدق
ممُتنة لـك :047:
الفاضله الوصايف
شكرا لالباسك متصفحي حله الروعه بمقدمك
وانا من يحمل الامتنان لك على هذه القراءه
تقديري واحترامي

نجم
14-10-2011, 05:37 PM
الله الله أيها الزيزفون كلمات تناقلها الزمن في بضعة أحلام في الغرفة المقصودة ..

هي الحياة ونتمنى أن نقرأها ونعمل بها على طبيعتنا وسجيتنا ..

كل الشكر لك ولمن دل على غرفتك